دروس القانون دروس القانون
recent

آخر المقالات

recent
جاري التحميل ...

تمييز نزع الملكية لأجل المصلحة العامة عما يشابهها من الأساليب القانونية

 

تمييز نزع الملكية لأجل المصلحة العامة عما يشابهها من الأساليب القانونية.

       يوجد إلى جانب نزع الملكية للمصلحة العامة بعض الوسائل الجبرية التي تؤدي هي الأخرى إلى إجبار المواطنين للتنازل عن أموالهم و حقوقهم كالاحتلال المؤقت و التأميم و المصادرة، إلا أن هذه الوسائل حتى و لو أنها طرق جبرية فهذا لا يعني عدم وجود اختلاف بينهما، وعلى هذا الأساس سوف نميز بين نزع الملكية والاحتلال المؤقت ( الفقرة الأولى ) ونزع الملكية والتأميم والمصادرة ( الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: الفرق بين نزع الملكية والاحتلال المؤقت.

اهتم المشرع المغربي بمسطرة نزع الملكية ومسطرة الاحتلال المؤقت، ونظمهما في قانون واحد، وهو القانون 7.81، إلا أنه يوجد فرق جوهري بين النظامين، إضافة إلى فروق أخرى قانونية تتصل خاصة بالإجراءات. فأما التمييز الجوهري؛ فإن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة يعني إحلال الدولة بوجه عام أو أي شخص معنوي آخر يسمح له القانون بذلك بوجه خاص محل المالك الأصلي مقابل تعويض، لذا يظهر أن هذا النزع كنوع من البيوع الجبرية. في المقابل؛ فالاحتلال المؤقت يعني احتلال ملك معين من طرف السلطة العامة أو من يحل محلها خلال فترة زمنية محددة قد تطول أو تقصر، مقابل تعويض يؤدى إلى المالك الأصلي، بالتالي يستفاد أن الاحتلال المؤقت يظهر كنوع من الأكرية الجبرية التي يفرضها القانون في سبيل تحقيق الصالح العام، وهذان النظامان يختلفان من حيث الاستثناءات التي ترد عليهما كما يختلفان من حيث كيفية تقدير التعويض الذي يؤدى للمنزوعة ملكيته.

إلى جانب ذلك فكلا من نزع الملكية والاحتلال المؤقت موضوعهما هو شغل العقارات إلا أن الأسس والإجراءات والأهداف تختلف من حيث المسطرة بكون نزع الملكية تستلزم نقل الملكية لفائدة نازعها بصورة دائمة، في حين الاحتلال المؤقت لا يخول إلا الإذن في الحيازة المؤقتة، أما من حيث الغاية فمسطرة نزع الملكية فغايتها تحقيق المنفعة العامة دون أن يذكر القانون أمثلة الأشغال أو عمليات معينة لذلك، أما بالنسبة للاحتلال المؤقت فالمقصود منه مخصص، إذ تضمن نوع الأشغال التي يسمح بها من أجله، كاستخراج بعض المواد والقيام بأعمال تحضيرية للأشغال العامة[1]، وأما بخصوص اتخاذ القرار فبالنسبة للاحتلال المؤقت يكون من طرف رئيس الحكومة، أما مسألة نزع الملكية نجد مقرر إعلان المنفعة العامة ثم مقرر التخلي فمن طرف رئيس المجلس الجماعي أو العامل أو الوزير المعني حسب الجهة التي تقوم بنزع الملكية، ولا يشمل الاحتلال المؤقت  منشآت كدور السكنى والساحات والبساتين والحدائق المجاورة لهذه الدور والمحيطة بها سياجات وكذا الدينية والمقابر[2]، على خلاف نزع الملكية الذي لا ينصب على المباني الدينية والمقابر والعقارات التابعة للملك العام والمنشآت العامة والمنشآت العسكرية[3].

وبالتالي يمكن تعريف الاحتلال المؤقت بأنه: حق السلطة الإدارية في حيازة العقارات المملوكة ملكية خاصة بصفة مؤقتة تحقيقا للمنفعة العامة مقابل تعويض عادل[4]، أما فيما يخص مدة الاحتلال تنحصر في خمس سنوات على الأكثر بحيث إذا تجاوزت الإدارة هذه المدة ولم تعمل على إبرام اتفاق بينها وبين المعني بالأمر فإنها تكون مضطرة إلى القيام بنزع الملكية وفق الشروط المتفق عليها قانونا.[5]

بعد هذه المقارنة بين نزع الملكية والاحتلال المؤقت، نمر إلى الفرق بين نزع الملكية والتأميم والمصادرة

الفقرة الثانية: الفرق بين نزع الملكية والتأميم والمصادرة.

1)  الفرق بين نزع الملكية والتأميم.

لقد ورد مصطلح التأميم في الغرب لأول مرة في بدية القرن 20 و الذي يعني جعل المال ملكا للأمة، و دخلت هذه الكلمة غلى اللغة العربية و ذلك نتيجة انتشار المذهب الاشتراكي الذي كان يشكل فكرة عصرية في تلك الحقبة الزمنية.[6] و عليه أمكن تعريفه على أنه'' تحويل مال معين أو نشاط معين إلى ملكية جماعية أو نشاط جماعي بقصد استعماله في سبيل تحقيق المنفعة العامة."[7]

 فهو إذن نقل ملكية قطاع معين إلى ملكية الدولة أي تحويله إلى القطاع العام. وهي مرحلة تمر بها الدولة المستقلة عادة في إطار عملية نقل الملكية وإرساء قواعد السيادة بحيث تقوم الدولة بإرجاع ملكية ما يراد تأميمه إلى نفسها. والتأميم : " لفظة مشتقة من كلمة امة ، وهي تعني عملية نقل الملكية والإدارة المتعلقة ببعض أو كل وسائل الإنتاج إلى ملكية وإدارة الأمة بمجموعها . وهي تستعمل عادة للإشارة إلى الملكية العامة كمفهوم معاكس للتملك الفردي".  أي أن المصنع أو المنجم الذي يجري تأميمه لا يعود ملكاً لفرد أو جماعة من الأفراد، بل يصبح ملكاً للمجتمع بأسره وخاضعاً لإدارته من خلال سلطته المركزية أو السلطات المحلية.

2)   الفرق بين نزع الملكية والمصادرة.

يقصد بالمصادرة ذلك الحكم القضائي الذي يقضي بنزع ملكية الشيء جبرا من مالكه وإضافته إلى أموال الدولة ( الخزينة العامة للمملكة ) بسبب قيامه بعمل غير مشروع.

والمصادرة عادة ما تكون في شبه عقوبة مالية كالغرامة، لكن المصادرة لا تشمل الأموال فقط مثل الغرامة، بل تمتد إلى الأشياء التي لا يمكن وصفها بالمال. ( هناك اجتهاد فقهي آخر يقر بأن المصادرة تطبق على المنقولات دون العقارات لأن هذه الأخير غير قابلة للضبط، عكس الاتجاه الذي أشرنا إليه ويمثله كل من الدكتور أحمد الخمليشي والدكتور عبد الواحد العلمي ).

والقانون المغربي نظم مقتضيات المصادرة في الباب الثاني من الكتاب الأول من المجموعة الجنائية تحت عنوان " العقوبات الإضافية" من خلال الفصول 199.46.45.44.43.42. ومن خلال استقراء هذه المواد نجد أن المشرع المغربي لم يجعل إعمال المصادرة مطلقة وإنما قيدها بشرط عدم المساس بحقوق الآخرين ذوي النوايا الحسنة؛ وهم كل من ليس له علاقة بالجريمة، ومن غير العالمين بطبيعة الصلة التي تربط أشياءهم بالجريمة أو أنهم مع علمهم اللاحق بهذه الجريمة حاولوا إنهائها.[8]



[1]  الفصل 50 من القانون 7.81، مالممتعلق بنزع الملكية

[2]  الفصل 53 من القانون 7.81، نفس المرجع.

[3]  الفصل 4 من القانون 7.81، نفس المرجع.

  [4] صروخ مليكة، القانون الإداري دراسة مقارنة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الثانية، 1992، ( الطبعة الرابعة 1998 )، ص364.

[5]  الفصل 57 من القانون 7.81، نفس المرجع.

[6]  محمـد أنس قاسم جعفر، النظرية العامة لأملاك الإدارة والأشغال العمومية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1983، ص 88.

[7]  عمر حمدي باشا، حماية الملكية العقارية الخاصة، الجزائر، دار هومة 2003، ص 115.

[8]  عبد الواحد العلمي، المبادئ العامة للقانون الجنائي المغربي، الجزء الثاني، المطبعة الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1999، ص 134و135.   


 

عن الكاتب

agadirnews

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

دروس القانون