تروم الاستراتيجية الوطنية الطاقية الى تحقيق عدة أهداف ، فهل الأهداف الموضوعة خضعت لقاعدة سمارت SMART لتحديد الأهداف و خضعت لمبادئها بأن تكون محددة و خاصة، قابلة للقياس، قابلة للتحقق، واقعية و محددة في الزمن ذلك ما سنحاول إكتشافه خلال تطرقنا الى أهداف هذه الاستراتيجية في المطلب الأول من هذا المبحث.
المطلب الأول: أهداف الاستراتيجية الوطنية الطاقية
لقد وضعت الاستراتيجية الوطنية الطاقية أربعة أهداف رئيسية تتوخى بلوغها تتمثل في تأمين التزويد بالطاقة و توفيرها و تعميم الولوج إليها بأسعار مناسبة مع المحافظة على البيئة، تدبير محكم للطافة، اقتناء التكنولوجيات المتطورة و التحكم في استعمالها و ذلك من أجل ضمان تزويد البلاد بالموارد الطاقية، كما أن تنويع المصادر الطاقية و تعبئة الموارد المتجددة و الاعتماد على النجاعة الطاقية سيتيح التقليص من التبعية الطاقية للخارج و حماية البيئة و أيضا نقل التكنولوجيا و تنمية مهن جديدة بالنسبة للمغرب و النهوض بعمليات البحث و التنمية.
و لبلوغ الأهداف المذكورة تتمركز الإستراتيجية حول المحاور التالية:
- تشكيل باقة كهربائية مثلى تلجأ الى خيارات تكنولوجية موثوقة و تنافسية.
- رفع حصة الطاقات المتجددة في الميزان الطاقي الوطني
- اعتماد النجاعة الطاقية كأولوية وطنية
- تعبئة الموراد الطاقية
- الاندماج و التكامل في المنظومة الطاقية الجهوية.
و هكذا كما أسلفنا الذكر فإن هذه الاستراتيجية التي تمتد من 2009 الى غاية 2030 تتوزع على ثلات مخططات عمل بدءا بمخطط قصير المدى امتد من سنة 2009 الى سنة 2012 يتضمن برنامج للإجراءات ذات الأولوية لخلق توازن بين الطلب و العرض على الكهرباء، تقوية القدرة على الإنتاج الكهربائي و النجاعة الطاقية، أما المخطط الثاني فهو متوسط المدى امتد من سنة 2012 الى سنة 2020 يقر اعتماد مزيج طاقي يرتكز على تكنولوجيات متينة و اقتصادية (الفحم، استعمال متزايد للطاقات المتجددة و تطوير الغاز الطبيعي)، أما المدى البعيد فيستمر من 2020 الى 2030 الذي يرمي الانفتاح أكثر على استعمال الطاقات المتجددة فإنه تهدف الاستراتيجية الى بلوغ 42 في المائة من القدرة الإنتاجية للطاقة الكهربائية في أفق 2020 بواسطة مصادر طاقية متجددة موزعة بالتساوي بين الطاقة الشمسية و الكهرمائية و الريحية و ذلك من خلال برامج وطنية تهدف الى بلوغ 2000 ميغاواط بالنسبة لكل واحدة منهما
و بناء على قاعدة SWOT فإن لهذه الاستراتيجية نقط قوة و نقط ضعف و فرص و تهديدات، فيما يخص نقط القوة تتمثل في غنى المغرب و توفره على مصادر الطاقات المتجددة حيث يتوفر المغرب على حقول للطاقة الريحية الشاطئية تستطيع إنتاج 25 ألف ميغاواط أما حقول الطاقة الشمسية فتستطيع إنتاج 5,5 كيلواط للمتر المربع في اليوم، كما يتوفر المغرب على بنية تحتية طاقية متقدمة عابرة باعتباره ملتقى جهوي لتبادل الطاقة بين أوروبا و افريقيا و ما يصحب ذلك من فرص لتبادل الطاقة و تحسين استعمال وسائل الإنتاج و تطوير الاستثمارات في هذا الميدان و تثمين تصدير الطاقات المتجددة، القدرة على إنجاز مشاريع كبرى للطاقات المتجددة، إطار مؤسساتي و تشريعي جذاب و تزايد الطلب على الطاقات النظيفة.[1]
وأمام هذه الاستراتيجية تحديات يجب ان تكسبها أهمها تزايد الطلب على الطاقة حيث سيتضاعف في 2020 و سيتضاعف مرتين في سنة 2030، تبعية كبرى للخارج في المجال الطاقي، الاتجاه التصاعدي لأسعار الوقود عالميا، متطلبات حماية البيئة، الحفاظ على القوة الشرائية للمواطن و تعزيز القدرة التنافسية للمستثمرين بالمغرب.
لكن للأسف الاستراتيجية إذا كانت أشارت الى الفرص و نقط القوة فإنها أغفلت الإشارة الى نقط الضعف و قد أشار إليها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في تقريره حول الاقتصاد الأخضر نذكر منها العوائق البشرية حيث غياب العنصر البشري المؤهل رغم إحدات معهد البحث في الطاقة الشمسية و الطاقات المتجددة حيث خصصت له ميزانية إقلاع بقيمة 250 مليون درهم أي مايعادل 0,35 في المائة من البرنامج الشمسي الوطني في الوقت الذي ينبغي أن تغطي مهمته جميع مسالك الطاقة الشمسية و الطاقة المتجددة، و بالإضافة الى العنصر البشري هناك عوائق مالية تهم تمويل مشاريع الطاقات المتجددة و التي تتطلب تمويلات ضخمة، و أيضا هناك عوائق تشريعية ينبغي الحسم فيها بتسريع إصدار القوانين و النصوص التطبيقية المتعلقة بها من بينها الملاحظة التي أشار إليها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي في أن الإمكانيات المتعلقة بإنتاج الطاقة الكهربائية انطلاقا من الكتلة الحيوية يمكنها الاصطدام بمشكلة غياب إطار قانوني يسمح بإستغلاها، ناهيك عن العوائق التقنية.[2]
و من أجل تفصيل أكبر لأهداف الاستراتيجية الوطنية الطاقية سنحاول تقديمها بناء على كل برنامج على حدى.
-برنامج الطاقة الشمسية:
يندرج هذا البرنامج في اطار الاستراتيجية الوطنية الطاقية والرامية حيث يهدف بالخصوص الى منح المغرب الأولولوية لتنمية الطاقات المتجددة و التنمية المستدامة.
ويهدف المشروع المندمج لإنتاج الكهرباء الى تطوير محطات توليد الطاقة الكهربائية من أصل شمسي بقدرة انتاجية تناهز 2000 ميغاواط من الكهرباء، و ذلك في أفق 2020 مما سيمكن من الوصول الى طاقة انتاجية من الكهرباء تناهز 4500 جيغاواط في الساعة سنويا أي ما يعادل 18 في المائة من الإنتاج الوطني الحالي، هذا و يشمل المشروع الوطني للطاقة الشمسية إنجاز خمس محطات لانتاج الكهرباء من مصدر شمسي في كل من ورزازات، وجدة، العيون،بوجدور و طرفاية بتكلفة مالية قدرها حوالي 70 مليار درهم.
هذ البرنامج سيمكن المغرب من اقتصاد 1 مليون طن سنويا من المحروقات الأحفورية، إلى جانب المساهمة في الحفاظ على محيطه البيئي من خلال تجنب انبعاث 3.7 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في السنة.
و إذ يطمح المغرب أن يكون فاعلا مرجعيا في الطاقة الشمسية بفضل هذا البرنامج، فانه يسعى أن يكون له وقع إيجابي على تطوير برامج أخرى تتعلق بالأساس بالتكوين و التخصص التقني و البحث و التطوير و تأهيل صناعة شمسية مندمجة.
-برنامج الطاقة الريحية: يدخل في إطار الاستراتيجية الطاقية الوطنية لأجل مسايرة باقي مشاريع الطاقات المتجددة والفعالية الطاقية. ويهدف هذا البرنامج الذي امتد على 10 سنوات وذلك باستثمار اجمالي يبلغ 31,5 مليار درهم الى رفع القوة الكهربائية من أصل هوائي، حيث من المفترض أن تصل القدرة الاجمالية المنجزة من الطاقة الريحية الى حوالي 2000 ميغاواط، مم سيمكن من الوصول الى طاقة انتاجية تناهز 6600 جيغاواط في الساعة سنويا، أي مايعادل 26 في المائة من إنتاج الكهرباء حاليا، مما سيمكن البلاد من تقليص حاجياتها من الطاقة الأحفورية من خلال توفير 1,5 مليون طن من البترول سنويا و تجنب انبعاث ما يناهز 5,6 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.[3]
و يتضمن هذا البرنامج الى جانب مكون إنتاج الكهرباء تحقيق الاندماج الصناعي لقطاع الطاقة الريحية و كذا النهوض بالبحث و التطوير و التكوين في هذا المجال.
و يتكون البرنامج الوطني للطاقة الشمسية من خمس محطات ريحية بقوة 100 الى 300 ميغاواط لكل محطة
- برنامج توليد الطاقة الكهرومائية: منذ سنة 1960 و بفضل سياسة بناء السدود الكبرى، اعتمد المغرب في البداية على الطاقة الهيدروكهربائية لانتاج الكهرباء، و تصل القدرة المنشأة من الطاقة الكهرمائية الى 1770 ميغاواط، منها محطة أفورار لتحويل الطاقة عبر الضخ تصل قدرتها الى 464 ميغاواط، و قد قام المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب بدراسات لبناء محطة ثانية للضخ بأكادير و بالشمال، و سيساهم إدخال محطة الضخ في تقوية أداء حضائر الإنتاج، و لاسيما تلك التي يتم استخراجها من الطاقات المتجددة، و يتعين تسجيل عودة الاهتمام بالطاقة المائية و ذلك بفضل الاستراتيجية الطاقية و خصوصا بالنسبة للمحطات المائية الصغيرة.
و ترمي هذه المشاريع الوصول الى قدرة إجمالية تناهز 2280 ميغاواط، أي بمعدل يقارب 14 في المائة من الطاقات المتجددة.[4]
- البرنامج الوطني للنجاعة الطاقية: في إطار هذه الاستراتيجية الوطنية الطاقية التي تعتبر النجاعة الطاقية أولوية وطنية تمت بلورة هذا البرنامج الذي يهدف الى تحقيق اقتصاد في الطاقة يصل الى نسبة 12 في المائة من الاستهلاك الطاقي الوطني سنة 2020 و 15 في المائة سنة 2030، و ذلك عبر ترشيد الاستهلاك الطاقي و إدماج تقنيات النجاعة الطاقية بشكل مستدام على مستوى جميع القطاعات المستهلكة للطاقة.
و هكذا فإن هذا البرنامج يرمي الى التقليل من التبعية الطاقية باستهلاك أحسن مع تلبية الاحتياجات الطاقية الملحة، التحكم في كلفة الطاقة من أجل تنافسية المنتوج الوطني، تحسين منحى التحمل الكهربائي، الحفاظ على البيئة و ذلك بالحد من انبعاث الغازات الدفينة المسيئة للارتفاع الحراري، تشجيع الاقتصاد و الاستثمار.
و نشير ان المجلس الأعلى للحسابات لاحظ غياب إجراءات القياس و المحاسبة و تتبع الأداء خصوصا فيما يتعلق بتدابير النجاعة الطاقية حيث أكد أن هذه الإجراءات تتعلق بحساب اقتصاد الطاقة المستهلكة و معايرتها، إلا أنه لم يتم بعد تحديد المساطر ذات الصلة، مما يجعل من الصعب تقدير و تقييم أداء النجاعة الطاقية .[5]
فإذا كانت هذه أهداف الاستراتيجية الطاقية الوطنية فماهي حصيلة هذه الاستراتيجية على أرض الواقع، ذلك ما سنحاول التطرق إليه من خلال المطلب الموالي.
المطلب الثاني: حصيلة الاستراتيجية الطاقية الوطنية
بعد مرور أكثر من 10 سنوات على اعتماد المغرب الاستراتيجية الوطنية الطاقية ما الذي تحقق، يؤكد في هذا الإطار وزير الطاقة و المعادن أن هذه الاستراتيجية مكنت من استثمار الترواث الطبيعية التي تزخر بها المملكة لإنتاج الطاقة الريحية والشمسية عوض الطاقة الاحفورية من أجل الحصول على الكهرباء مشيرا إلى أن 34 في المائة من الأنظمة الكهربائية في المغرب مصدرها من الطاقات المتجددة. كما أشار أن هذه الإستراتيجية جعلت المغرب وجهة للعديد من الشركات الممثلة لأزيد من 10 دولة أجنبية من أجل الاستثمار في المجال الطاقي مما ساهم في خلق فرص للشغل، الى جانب تقليص الفاتورة الطاقية بنسبة 5 نقاط ونطمح الى الوصول ل 10 نقاط، أي الانتقال من 98 في المائة إلى 88 في المائة من حجم الارتباط الطاقي للمغرب بالخارج
كما أن المغرب يطمح إلى التحكم في 42 في المائة من حاجياته الكهربائية خلال سنة 2020 و52 في المائة سنة 2030 مشيرا إلى ان الاعتماد على الطاقة المتجددة "من شأنه تقليص حجم الاعتمادات المالية التي تخصصها الدولة لدعم حاجيات المواطنين من الطاقة، ذلك أنه على سبيل دعم الغاز يكلف خزينة الدولة 14 مليار درهم".[6]
و هكذا فإنه قد بلغت القدرة الكهربائية المنشأة من مصادر طاقية متجددة حوالي 3700 ميغاواط و بذلك يصل معدل الطاقات المتجددة في المزيج الكهربائي مايقارب 34 في المائة و ها نحن في 2020 فهل سنتمكن من كسب 8 في المائة في ظرف سنة، و فيما يخص التبعية الطاقية فقد تراجعت الى 91,7 في المائة خلال سنة 2019 من 98 في المائة سنة 2008
و لنقف على واقع هذه الاستراتيجية سنتناول كل برنامج من برامجها على حدى.
-برنامج الطاقة الشمسية: بلغت القدرة المنشأة من الطاقة الشمسية مايعادل 705,5 ميغاواط بعد تشغيل نور 2 و 3 لتوليد الطاقة بقدرة 350 ميغاواط و مشروع نور الفتوضوئية بقدرة 175,5 ميغاواط، و قد تم سنة 2018 تقديم مشروع نور للطاقة الفتوضوئية الثاني الذي يهم توليد 800 ميغاواط و الذي سيتم تطويره بعدة مواقع (العيون، بوجدور،تارودانت، قلعة السراغنة، خريبكة، الحاجب، جرسيف، سيدي بنور و جرادة)
كما شهدت سنة 2019 منح مجموعة من الشركات تصميم و تمويل و بناء و تشغيل و صيانة المرحلة الأولى من محطة نور ميدلت للطاقة الشمسية ذات قدرة إجمالية 800 ميغاواط و التي تستخدم التكنولوجيا الهجينة التي تزاوج بين الطاقة الشمسية الحرارية و الطاقة الشمسية الفتوضوئية، كما تم إطلاق عمليات اقتناء الوعاء العقار لتطوير مشاريع الطاقة الشمسية الفتوضوئية نور بكل من تارودانت، قلعة السراغنة، الحاجب، جرسيف و خريبكة.
كل ذلك يؤكد أننا لم نصل بعد الى 2000 ميغاواط المحددة كهدف في أفق 2020 رغم أن المغرب تمكن من خلق أول محطة للطاقة الشمسية على الصعيد العالمي و اصبح يعد مرجعا في هذا المجال.
- برنامح الطاقة الريحية:
يتوفر المغرب حاليا على على قدرة منشأة من الطاقة الريحية تناهز 1218,5 ميغاواط و التي توجد قيد الاستغلال و ذلك بفضل تشغيل 120 ميغاواط لمشروع جبل خلادي و 200 ميغاواطا للحقل افتيسات 1
و تمثل قدرة الطاقة الريحية التي تم تطويرها من طرف القطاع الخاص حوالي 60 في المائة من إجمالي القدرة الكهربائية المنشأة، ففي سنة 2018 تم الترخيص لشركة خاصة لأنشاء حقل ريحي في مدينة أسفي بقدرة 200 ميغاواط، كما شهدت سنة 2019 الشروع في أشغال بناء الحقل الريحي ميدلت التي تبلغ قدرته 180 ميغاواط و كذا المرحلة الأولى للحقل الريحي بتازة بقدرة 150 ميغاواط، بالإضافة الى الاستمرار في أشغال تطوير مشاريع البرنامج الريحي المندمج، و عرفت هذه السنة أيضا منح الترخيص لاستكمال مشروع الحقل الريحي افينسات 2 بقدرة 200 ميغاواط.
- برنامج الطاقة الكهرمائية: بالنسبة للطاقة الكهرمائية فقد بلغت القدرة المنشأة متم سنة 2018 حوالي 1770 ميغاواط، منها محطة لتحويل الطاقة عبر الضخ بأفورار بقدرة 460 ميغاواط، و قد تم إعطاء انطلاق أشغال أنجاز مشروع محطة تحويل الطاقة عبر الضخ لسد عبد المومن بقدرة 350 ميغاواط و باستثمار يقدر ب 3,2 مليار درهم، و من المرتقب أن تدخل حيز التشغيل سنة 2020.
و قد تم لحد الأن الترخيص لانجاز 20 محطة كهرومائية صغرى تبلغ قدرتها الإجمالية 264 ميغاواط باستثمار يفوق 6,4 مليار درهم.[7]
-برنامج النجاعة الطاقية: تم سنة 2011 إدراج مشاريع وبرامج النجاعة الطاقية المقررة في إطار الاستراتيجية الوطنية للطاقة ضمن مشروع الاستراتيجية الخاصة بالنجاعة الطاقية الذي يهدف إلى تحقيق 12 %من الاقتصاد في استهلاك الطاقة في أفق 2020 و15 %في أفق 2030 وكذا تقليص كثافة استخدام الطاقة بنسبة 2 %سنويا.
و قد تم تحديد سبع أولويات استراتيجية موزعة على 22 هدفا استراتيجيا موضوع لبرامج للتعاقد ما بين القطاعات الوزارية المعنية والوكالة المغربية للنجاعة الطاقية كما يتضمن إجراءات ذات طابع أفقي وأخرى قطاعية تهم القطاعات الإنتاجية الأكثر استهلاكا للطاقة لاسيما منها النقل 41 % والصناعة % 21 البناء 33 %والفلاحة و الإنارة العمومية5 %
و قد قام المجلس الأعلى للحسابات بعملية التقييم لتدابير النجاعة الطاقية أبدى خلالها عدة ملاحظات فيما يخص قطاع النقل تركيز الإجراءات على النقل البري، هذا القطاع الذي يظل مقيدا بالعديد من العقبات القانونية و التنظيمية و التدبيرية التي تعيق تنفيذ و ترسيخ النجاعة الطاقية، بالإضافة الى ذلك لاحظ نفس المجلس عدم كفاية المعايير و البيانات المتعلقة باستهلاك الطاقة و عدم وجود رؤية شاملة و مندمجة للتنقل الحضري، أما فيما يخص القطاع الصناعي لاحظ المجلس أن المشاريع المعتمدة لم يتم تنفيذها إلا بشكل جزئي مع عدم مراعاة تنوع سلاسل الإنتاج و تأثير حجم الشركات، قصور في مجال اختيار التدابير المبتكرة، عدم تكريس الافتحاص الطاقي و أنظمة إدارة الطاقة، عدم إرساء نظام للمحاسبة و لوحة للقيادة لقياس و تتبع الأداء الطاقي، قصور في مجال المراقبة و القياس. أما فيما يخص قطاع البناء فقد لاحظ المجلس أوجه القصور المرتبطة بالرقابة والرصد وسن العقوبات، كما أكدت المحكمة المالية أن أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء و الإضاءة والمياه الساخنة الصحية تمثل أكثر من ثلثي استهلاك الطاقة في المباني. ومع ذلك، فإن قانون العزل الحراري لم يحدد الأداءات الطاقية الدنيا الذي تدمج وتجمع بين كل من المبنى والمعدات. أيضا، لم يحدد هذا النظام متطلبات وشروط تركيب وإنشاء وإنتاج الطاقة المتأتية من مصادر متجددة التي يمكن دمجها في هيكل المبنى أو تثبيتها عن قرب من أجل استخدام جماعي ومشترك و على الرغم من أهمية حظيرة المباني القائمة فإن النظام الحراري لا ينطبق إلا على المباني الجديدة.[8]
فإذا كان هذا الاستثناء يفرض بالتأكيد إكراهات إضافية على مستوى التكلفة وتعزيز القدرات والمهارات المهنية في قطاع البناء، فإن هذا سيؤدي إلى تكريس تقسيم ازدواجي في قطاع البناء، كما أوضح المجلس عدم كفاية التشجيعات لتمويل التكاليف الإضافية للاستثمار وترسيخ النجاعة الطاقية في قطاع البناء، مما قد يرغم المنعشين العقاريين إلى نقل هذه التكاليف الإضافية إلى المستهلك النهائي، كما أن هناك قصور في تكريس علامة الأداء الطاقي حيث لا يزال هناك نقص في إنشاء علامة مغربية تهم الأداء الطاقي للمباني السكنية، حيث يجب أن تكون هذه العلامة رافعة لتعزيز تنمية سياسة النجاعة الطاقية في قطاع الإسكان.
و قد تقدم المجلس الأعلى للحسابات بعدة توصيات تهم كل القطاعات المعنية من أجل نجاعة طاقية و هي كالتالي:
أ- قطاع السكنى - اعتماد تنظيم للمباني والمنشآت الحالية للتمكن من تجديدها وإعادة تأهيلها؛ تحديد المعايير التقنية للأداء الطاقي لمواد البناء ودمج مواصفاتها التقنية في دفاتر التحملات؛- إنشاء نظام وضع العلامات للمباني عالية الأداء الطاقي لمواكبة وتشجيع وتثمين تنفيذ التنظيم الحراري الجديد، تعزيز التواصل والتحسيس مع المهنيين في قطاع البناء وعامة الجمهور بشأن نطاق ومدى تأثير تقنيات النجاعة الطاقية على تصميم وبناء وتجهيز المباني.
ب. قطاع النقل - اعتماد معايير استهلاك/انبعاث للمركبات ذات المحرك التي يتم تداولها عن طريق تحديد العتبات الدنيا التي ستمكن من التخلص التدريجي من السيارات الأكثر استهلاكا للطاقة من السوق الوطنية؛ تسريع وتيرة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتنظيم التنقل الحضري، من خلال الالتزام أكثر بعملية إصلاح وتجديد نشاط وحيوية قطاع التنقل الحضري؛ - إعادة هيكلة وتنظيم وسائل النقل الحضرية وضمان التوزيع المتوازن للولوجيات بين وسائل النقل المختلفة؛ العمل من أجل الحرص على الارتباط بين مشاريع النقل الناتجة عن خطط التنمية الحضرية على المستوى الجهوي ووثائق التعمير والتهيئة الحضرية خاصة الجوانب المتعلقة بالتنقل الحضري؛ تنسيق السياسات القطاعية مع مختلف الفاعلين والحرص على التناسق ما بين مختلف أساليب تنقل الأشخاص والبضائع؛ - الانخراط في تفكير عميق لمعالجة الإكراهات الخاصة بقطاع النقل على المستوى الترابي كالحد من مشاكل النقل المدرسي وإيجاد حلول لها ونقل الموظفين والمستخدمين الذي تقوم به الشركات و الادارات والنقل غير المنظم، إلخ.
ج. قطاع الصناعة: - إعطاء الأولوية لأدوات التدخل المرنة القائمة على الانخراط أثناء تنفيذ تدابير النجاعة الطاقية مع الأخذ بعين الاعتبار مستوى تنافسية للمقاولات الوطنية؛ وضع تدابير التدخل الفردانية لمختلف سلاسل الإنتاج الصناعية مع مراعاة حجم ووزن الاستثمارات المقررة والتقنيات والتكنولوجيات المعتمدة وحاجيات البحث والابتكار؛ إرساء أنظمة للمواكبة والمصاحبة فعالة ومتنوعة بما فيه الكفاية تركز على التواصل والتكوين والتوعية لتعبئة المقاولات المعنية؛ تشجيع اعتماد وتنفيذ أنظمة إدارة وتدبير الطاقة لتحسين التسيير والأداء الطاقي للمقاولات الصناعية وتعزيز تنافسيتها؛ - العمل على ترسيخ وتكريس الإفتحاص الطاقي الإلزامي وإرساء عقود الأداء الطاقي من أجل تعبئة الإمكانات واستثمار فرص ومجالات توفير الطاقة.
د-استهلاك واستخدام الأجهزة الكهربائية المنزلية والإنارة: وضع برنامج محدد ومميز يهدف إلى تخفيض استهلاك الطاقة للأجهزة الكهربائية المنزلية وتكييف الهواء والإنارة عن طريق السحب التدريجي للمنتجات الأكثر استهلاكا للطاقة من السوق وتشجيع تغيير المنتجات العتيقة والمتقادمة تكنولوجيًا؛ تشجيع المستهلكين على اعتماد تدابير معينة للنجاعة الطاقية من خلال عمليات للتواصل تهم التكاليف/الفوائد التي سيتم تحقيقها؛ التنصيص على إلزامية تركيب سخانات المياه التي تستخدم الطاقة الشمسية بالنسبة للمباني الجديدة وتوفير التشجيعات اللازمة للتعميم التدريجي لهذه التجهيزات على جميع المباني والمساكن القائمة.
[1] موقع وزارة الطاقة و المعادن، مرجع سابق
[2] تقرير المجلس الاقتصادي و الاجتماعي و البيئي ، منشور بموقع المجلس www.cese.ma تاريخ الزيارة يوم 5 يونيو 2020 على الساعة الرابعة بعد الزوال
[3] موقع الوكالة الوطنية للطاقة الشمسية www.masen.ma تاريخ الزيارة يوم 7 يونيو 2020 على الساعة الواحدة بعد الزوال
[4] موقع الوكالة الوطنية للطاقات الشمسية، مرجع سابق
[5] موقع المجلس الأعلى للحسابات، مرجع سابق
[6] موقع جريدة الاقتصادي www.leconomiste.ma
[7] موقع وزارة الطاقة و المعادن، مرجع سابق