تمييز عقد الشغل عن غيره من العقود
كتيرة هي
العقود التي ترد على عمل الإنسان مما يجعلها تختلط بعقد الشغل خاصة عندما يكون عنصر
التبعية غير واضح. و هذا ما يدفع إلى البحث عن المعيار الذي يمكن من التمييز بين
عقد الشغل و غيره من العقود المشابهة,
أولا– عقد الشغل و عقد المقاولة
يعتبر عقد المقاولة اقرب العقود إلى عقد الشغل حيث يصعب في الكثير من الأحيان التمييز بينهما. و ينص الفصل 723 من ق.ل.ع في فقرته الثانية على أنه " إجارة الصنعة عقد بقتضاه يلتزم احد طرفيه بصنع شيء معين في مقابل أجر يلتزم الطرف الأخر بدفعه له" من خلال ما ينص عليه الفصل، نجد أن التشابه بين العقدين يثور من خلال كون عقد المقاولة يرد بدوره أداء عمل مقابل أجر.
و إذا ماتعددت المعايير التي قال بها الفقه للتمييز بين عقد الشغل وعقد المقاولة سواء تلك القائمة على أساس اختلاف طبيعة المحل في كل من العقدين، حيث التزام المقاول بتحقيق نتيجة معينة مع تحمله لكل مخاطر المقاولة من ربح وخسارة بينما يلتزم الأجير فقط بوضع جهده تحت تصرف المشغل، أو التي تقوم على الكيفية التي يتم بها تحديد الأجر أي على أساس وحدة زمنية كالساعة أو اليوم، فنكون أمام عقد شغل، أو على أساس الإنتاج فيتعلق الأمر عندها بوجود مقاولة، فإن المعيا ر الذي تم الاعتماد عليه للتمييز بين العقدين هو معيار التبعية، لأن في عقد الشغل يؤدي الأجير الشغل تحت إدارة وإشراف ومراقبة المشغل، لأنه في مركز
خضوع و تبعية أما المقاول فبقوم بالعمل المعهود به إليه على وجه الاستقلال و بكل
حرية لا يخضع في تنفيده لأي إشراف أو توجيه . و هذا ما ذهب إليه المجلس
الأعلى في عدد 442 بتاريخ 15/04/1997
ثانيا: عقد الشغل و عقد الشركة
و إذا كان الخلط يعق بين عقد الشغل و عقد الشركة, بالنظر
إلى كون الشريك في الشركة قد يكون شريكا بعمله فقط, طبقا لما ينص عليه الفصل 982
من ق.ل,ع " الشركة عقد بمقتضاه يضع شخصان أو أكثر أموالهم أو عملهم أو هما
معا, لتكون مشتركة بينهم بقصد تقسيم الربح , مما يؤدي إلى اختلاط مركز الأجير
بمركز الشريك في الشركة, فقد دخل الفقه إلى اعتماد معيار التحمل بالخسائر للتميز
بين المركزين, ذلك أن الأجير لا يتحمل المخاطر الناتجة عن استغلال مشروع معين, و
أنما يتحملها المشغل كاملة, في حين أن الشريك في عقد الشركة, يستفيد من الأرباح و
يتحمل الخسائر, إضافة إلى نية المشاركة في حد ذاتها بالنسبة لعقد الشغل
إلا أن الرأي الغالب في الفقه يذهب الى الأخذ بمعيار التبعية للتمييز بين العقدين، فالاجير يخضع أثناء تنفيذ عملية مراقبة وإشراف المشغل، في حين يقوم عقد الشغل على فكرة المساواة بين الأطراف، وإذا كان عقد الشركة لابد وأن يكون كتابيا، فإن عقد الشغل يمكن أن يبرم كتابة أو شفهيا باستثناء حالات معينة قانونيا.
ثالتا: عقد الشغل وعقد الوكالة
بالرجوع الى ماينص عليه الفصل 879 من ق ل ع " أن الوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص أخر بإجراء عمل مشروع لحسابه....." نجد هناك تقاربا بين عقد الشغل وعقد الوكالة، لأن في العقدين هناك شخص يؤدي عملا لحساب أخر، ومع ذلك فهناك اختلاف بينهما يتمثل في كون الوكالة تنتهي بموت الموكل بينما الأصل ألا ينتهي عقد الشغل بوفاة المشغل، إذ أن تغيير المركز القانوني للمشغل لايؤثر في استمرارية عقد الشغل ورغم المعايير التي قال بها الفقه للتمييز بين العقدين يبقى المعيار الدقيق للتمييز بينهما هو معيار التبعية، فالوكيل ورغم خضوعه لتوجيهات موكله فهو يتمتع بحريته واستقلاله في قيامه بالعمل المنوط به، خاصة وأن التوجيهات التي يتلقاها تكون عامة، بخلاف الأمر بالنسبة للأجير و الذي يخضع لمشغله خضوعا تاما سواء من حيث الإشراف أو التنفيذ.
إضافة إلى ماسبق فإن الوكالة قد تكون مجانية أو بمقابل في حين أن العمل بالنسبة لعقد الشغل يكون دائما بمقابل.