نظام التحديد الاداري
يعتبر
نظام التحديد الاداري من بين الوسائل المستعملة من طرف المصالح (مصالح مديرية
املاك الدولة و مصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر) المعنية
بإدارة وتدبير ملك الدولة الخاص بفرعيه (ملك الدولة الخاص العادي و ملك الدولة
الخاص الغابوي) من أجل حماية وتطهير الوضعية القانونية لهذه الاملاك و تجنب كل
منازعة مع الجيران، وذلك بضبط المعالم والحدود والمحتويات والحالة القانونية
للأملاك موضوع التحديد بصفة دقيقة ونهائية.
وتسلك مصالح مديرية املاك الدولة عادة مسطرة التحديد الخاصة بغية
تثبيت حقوقها على عقارات تقع خارج المناطق غير المفتوحة لنظام التحفيظ العقاري او
على عقارات تقع بعيدة عن المراقبة بحيث تكون موضوع أطماع او عرضة للاغتصاب من طرف
الخواص، في وقت لا تتوفر فيه (الإدارة) على امكانيات بشرية ومالية ولوجيستكية
لحمايتها أو لا تتوفر على حجج كافية في مواجهة الكافة قبل او خلال اجراء مسطرة
التحفيظ العادية
لذا فمن أجل بلوغ هذا الهدف بطريقة خاصة ليست في متناول عامة الناس
ابتدع المشرع نظام التحديد الاداري؛ فكان صدور ظهير 03/01/1916 بين ضابط خاص
لتحديد املاك الدولة الخاصة (الفقرة الأولى )؛وكذا صدور ضهير 17/05/1960 641
المتعلق بتحديد الاملاك المصادرة(الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: تحديد املاك الدولة الخاصة طبقا لضهير 03/01/1916
تبتدئ مسطرة التحديد الإداري بمبادرة من مصالح ٱملاك الدولة التي
تتقدم بعد قيامها ببحت ميداني بتنسيق مع السلطات الإدارية للتأكد من طبيعة العقار
المراد تحديده وكذا من مدى وأهمية حقوق الدولة عليه.بطلب استصدار مرسوم بالموافقة
على إجراء عمليات التحديد وتعيين تاريخ اجراءها(الفصل التالت من ضهير 03/01/1916
.وينشر هذا المرسوم بالجريدة الرسمية كما يتم اشهاره بواسطة اللصق وعن طريق
البريح؛وذلك قبل شهر من بدء عمليات التحديد (الفصل الرابع من الشهير) التي تتكلف
بها لجنة تتألف من ممتلين عن السلطة الإدارية وعن السلطة الإدارية وعن مصالح
مديرية ٱملاك الدولة وعن مصلحة الهندسة العقارية وكذا من عدلين ان إقتضى الحال ذلك
(الفصل الثاني من الضهير).
ومن مهمة هذه اللجنة التنقل في الوقت والتاريخ المحددين في المرسوم
قصد التعرف على حدود العقار المراد تحديده مع وضع علامات (او انصاب او ارف) تجسد
ابعادها،وكذا تلقي الملاحظات والتعرضات من قبل العموم سواء بخصوص الحدود او بخصوص
حقوق عينة او شخصية مدعى بها على العقار موضوع التحديد.وتدون هذه التعرضات و
الملاحظات من طرف اللجنة في محضر يودع نضير منه مرفوقا بمخطط التحديد لذى السلطات
المحلية مباشرة بعد انتهاء العملية،ويودع نضير اخر منه لدى المحافظة العقارية،
بينما ينشر هذا الايداع بالجريدة الرسمية ويشهر بواسطة اللصق وبالاعلان وفقا
الإجراءات المتبعة عند انطلاق عملية التحديد (الفقرة التالتة من الفصل الخامس).
وعلاوة على ذلك ،فقد فتح المشروع إمكانية للاشخاص الذين يهمهم الأمر
ولم يستطعوا ابداء تعرضاتهم امام اللجنة المكلفة بالتحديد،بابداء تصريحاتهم
وتعرضاتهم
كتابة امام السلطة المحلية أو شفويا بعد تحرير
محاضر بهذه الملاحظات والتصريحات والتعرضات ،وذلك داخل أجل تلاتة (3) اشهر ابتداء
من تاريخ نشر الاعلان عن إيداع محضر التحديد بالجريدة الرسمية (الفقرة الرابعة من الفصل الخامس).
ولا تكتسب هذه التعرضات اترها القانوني الا اذا بادر أصحابها بايداع
بالسمهم الشخصي وتحت نفقتهم،داخل أجل (3) اشهر الموالية للانهاء أجل التعرضات،
مطالب للتحفيض الاجزاء التي يطالبون بها والواقعة داخل مدار التحديد الاداري تحت
طائلة سقوط حقهم (الفصل السادس من الضهير).
وإذا لم تتزامن عملية التحديد او لم تتبع بايداء اي تعرض ،سلم المحافض
على الاملاك العقارية شهادة تنبت خلو الوعاء العقاري موضوع التحديد من هذه
التعرضات، وهي شهادة أساسية من ضمن وثائق ملف المصادقة على عملية التحديد.
هذا، وبعد المصادقة على العملية بموجب مرسوم للرئيس الحكومة ينشر بالجريدة
الرسمية، تصر المحتويات المادية للعقار المحدد وكذا حالته القانونية النهائية.
اما إذا ابانت العملية عن وجود تعرضات،فإن البت في مصير الوعاء الاصلي
للتحديد الاداري وكدا في مصير التعرضات يصبح بين يدي العدالة وتحديدا بين يدي
القضاء العادي بالنسبة للبت في التعرضات،وبين يدي القضاء الاداري بالنسبة للبت في
مذى شرعية مسطرة التحديد ذاتها على اعتبار العملية برمتها واجراءات التحديد بكل
مراحلها يتم التقرير بشانها وتنفيدها بموجب مقررات إدارية قابلة للطعن امام
المحاكم الادارية عملا بمقتضيات الفصلين التامين(8)والتاسع(9) من القانون رقم
90،41 المحدث للمحاكم الادارية.
هذا،ولا تتميز مسطرة التحديد املاك الدولة الخاصة من حيت الجوهر عن
مسطرة التحديد الاملاك المصادرة كما سنرى ذلك فورا .
الفقرة التانية : تحديد
الاملاك المصادرة طبقا لضهير 1960/05/17
الذين تمت إدانتهم بالخيانة عقب أحداث 1953/08/20 645. لذلك،لايكتسب هذا النص
قيمته ولا تجد مقتضياته سند تفعيلها إلا بصدور قرارات بالمصادرة تخص عقارات
غير محفظة أو في طور التحفيظ ،وهذا بخلاف
مانص عليه ظهير 1916/01/03 الذي يبقى قابلا للتطبيق في كل مناسبة تعلق الأمر
بتحديد عنصر من العناصر العقارية من ملك
الدولة الخاص.
والجدير بالذكر أنه استثناء من مقتضيات
ظهير 1913/08/12 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه، فإنه يسحب قبل
بدء عملية تحديد الأملاك المصادرة ،كل مطلب للتحفيظ تم إيداعه بالمحافظة العقارية
من طرف الأشخاص المدانين.وإذا استثنينا بعض خصوصيات نص ظهير 1960/05/17 المتعلقة
بتشكيل لجنة التحديد وبآجال التعرضات وآحال إيداع مطالب التحفيظ، فإن جوهر هذه
المسطرة لا يختلف عن ذلك الذي جاءت به مقتضيات نص ظهير 1916/01/03.
وتتخلص هذه الخصوصيات في أن :
️لجنة التحديد تضم إضافة إلى السلطة
المحلية وممثل عن إدارة أملاك الدولة وطويوغرافي عن مصالح الوكالة الوطنية
للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، ممثلا عن مصلحة الضرائب .
️أجل إبداء التعرضات قد قلصة المشرع
إلى الشهر واحد ابتداء من تاريخ نشر الإعلان عن تنفيذ عملية التحديد بالجريدة الرسمية ، بدل أجل
ثلاتة أشهر المحددة في نص ظهير 1916/01/03 .
️أجل إيداع مطالب التحفيظ أو مقالات
لدى المحكمة من طرف من يهمهم الأمر قد حدده المشرع في شهر واحد كذلك ابتداء من
تاريخ انقضاء أجل التعرضات ،بدل ثلاثة أشهر المحددة في نص ظهير 1916/01/03 .
️ عملية التحديد لا تتم المصادقة عليها إلا بعد تسليم رئيس كتابة
ضبط المحكمة لشهادة تثبت عدم إيداع مقالات برفع دعوى من طرف المتعرضين المعنيين
،إضافة إلى الشهادة التي يسلمها المحافظ بخلو مدار التحديد من أي مطلب للتحفيظ من
طرف المتعرضين.
️آجال بت المحكمة الابتدائية ومحكمة
الاستئناف في التعرضات هو شهران ابتداء من تاريخ إيداع مصالح أملاك الدولة الخاصة لمذكرتها
الجوابية على مقال المتعرض،بينما لم يتعرض ظهير 1916/01/03 لذكر مسألة الاختصاص في البت ولا لتحديد آجال البت
.
هذا، وكإجراء تكميلية لمسطرتي التحديد الإداري لأملاك الدولة الخاصة وأملاك
الدولة المتأصلة من المصادرات ، يمكن تأسيس رسوم عقارية لهذه الأملاك من طرف
المحافظ بناء على إيداع مطلب باسم الدولة،وتحقق مصالح المحافظة العقارية من وجود
علامات التحديد ورسم الخريطة الطوبوغرافية للعقار المحدد دونما حاجة للقيام بأي
إجراء آخر ،كإجراء الإشهار مثلا.
والجدير بالذكر هو أنه بعد الانتهاء من مسطرة التحديد الإداري لأي عقار من عقارات الملك الخاص للدولة ،فلا شئ يغني في نهاية المطاف عن طرق باب المحافظة العقارية من أجل تأسيس صكوك عقارية للأملاك المحددة.لذلك،فالأول أن تلجأ الدولة في جميع الأحوال لسلوك مسطرة التحفيظ التي سنها ظهير 1913/08/12 المتعلق بنظام التحفيظ العقاري كما تم تعديله وتتميمه، وأن يتم اللجوء لمسطرة التحفيظ هاته بالسرعة والنجاعة الكافيتين لحماية أملاك الدولة من أي اغتصاب للحيازة أو إزعاج في الاستغلال.