المطلب الثاني: احكام الرهن
الحيازي الواردة في مدونة الحقوق العينية:
تطرقت مدونة الحقوق
العينية الى احكام الرهن الحيازي الواردة فيها التي يمكن ان نقسمها الى فقرتين: الفقرة الاولى الاثار المترتبة
عن الرهن الحيازي, الفقرة الثانية انقضاء الرهن الحيازي.
الفقرة الاولى
الاثار المترتبة عن الرهن الحيازي
كما هو معلوم فان
اثار عقد الرهن الحيازي لا تقتصر على المتعاقدين - الراهن والمرتهن- بصفة خاصة وانما تتعداهما الى
الغير.
ü
اثار عقد الرهن
الحيازي بالنسبة للمتعاقدين
سوف نخص بالدكر كل
من اثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للراهن, ثم اثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة
للمرتهن.
1) اثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة
للراهن
الاصل ان عقد الرهن الحيازي لا يمنح للراهن الحقوق ولا يرتب عليه التزامات لأنه
من قبيل العقود التي تلزم جانب واحد[1]
, الا ان بعض الظروف قد تنشا
اثناء قيام عقد الرهن فترتب عليه التزامات كما تمنحه بعض الحقوق:
ا- حقوق الراهن
ان الرهن الحيازي لا يؤدي الى حرمان الراهن من ملكية المرهون,
وانما يسلب منه الحيازة فقط,
وعليه يبقى الراهن[2]
متمتعا بسلطات المالك ولكن مع
بعض القيود التي يقتضيها ضمان حق المرتهن.
ومن قبيل هده الحقوق نجد:
-ادا كان الشيء المرهون او ثماره تندر بالهلاك,
وجب على الراهن ان يسترجعه
بواسطة دعوى الاسترداد في مقابل ضمان اخر.
-يمكن بيع المرهون من طرف الراهن, الى ان كل تصرف يقوم به الراهن يبقى معلق على شرط وفاء الدين ثم توابعه, وادا تم هدا التصرف فان حق المرتهن ينتقل الى ثمن المرهون.
-في حالة اساءة لشيء المرهون يحق للراهن ان يطلب وضع هدا الاخير في يد امينة
او اجبار المرتهن على اعادته.
2- التزامات الراهن
نشير ابتداء الى عدم التزام الراهن بتسليم المرهون,
اد يحق له الرجوع عن الرهن قبل
التسليم ويلتزم الراهن بما يلي:
·
ضمان سلامة المرهون:
يضمن الراهن سلامة
المرهون وليس له ان يأتي باي عمل ينقص من ضمانه او يحول دون مباشرة المرتهن
لحقوقه.
·
دفع النفقات:
يلتزم الراهن بان
يؤدي المصروفات الضرورية التي انفقها من اجل المحافظة على الشيء المرهون, كما يؤدي
مصروفات العقد وتنفيذه.
·
ضمان هلاك المرهون:
ادا هلك الشيء
المرهون او تعيب بفعل المدين, كان للدائن ان يطلب الوفاء بحقه على الفور, الا في
حالة ما لم يقدم له المدين ضمانا اخرا معادلا او يكمل له الضمان.
2) اثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للمرتهن
تتمثل هده الاثار في
مجموعة الحقوق والالتزامات الناشئة عن عقد الرهن, لذا سوف نقسم هده الاثار الى:
1 حقوق المرتهن
يتمتع المرتهن بالحقوق التالية:
v حبس المرهون:
للمرتهن ان يحبس المرهون حيازيا
الى ان يستوفي كامل دينه وما يتصل به من ملحقات او نفقات وبعدئذ عليه ان يرد
المرهون الى راهنه. وادا لم ينفد المدين الالتزام المضمون, لا يمكن اجبار المرتهن
عن التخلي عن حيازة المرهون بل له حبسه حتى استفاء دينه.
v تتبع المرهون واسترداده
ان دوام حيازة المرتهن[3]
للمرهون والاستمرار في حيازته شرط اساسي لدوام الرهن, فالرهن ملتصق بالحيازة يبقى
ببقائها ويزول بزوالها, إدا خرج المرهون عن الحيازة بغير اختياره, له الحق في
المطالبة باسترداده, شريطة ان يفعل دالك خلال ثلاثون يوما من وقت خروج الشيء من
حيازته.
كما ان هناك حقوق اخرى يتمتع
بها المرتهن تتمثل في قبض ثمار المرهون, وحق بيعه ادا استحق الدين ولم يقم المدين
بايفاته, وحق الافضلية باستيفاء الدين من تمن المرهون قبل سائر الدائنين.
1-
التزامات المرتهن
من بين الالتزامات التي تثقل
كاهل المرتهن يمكن تعدادها على الشكل الاتي:
v
المحافظة على
المرهون:
على المرتهن ان يحفظ المرهون
بنفسه او وكيله ويعني بصيانته عناية المالك بملكه, ووقايته من اي سرقة او غصب اما
ادا هلك المرهون او تعيب فانه وجب التمييز بين ادا كان هو سببا في هذا الهلاك فانه
يسال مسؤولية تقصيرية, اما ادا كان بسبب اجنبي كالقوة القاهرة فلا يكون المرتهن
مسؤولا عن الهلاك الا اذا حصل بعد ان اصبح في حالة مطل.
v ادارة المرهون والامتناع عن التصرف فيه:
يمكن القول ان هدا الالتزام
يشبه عقد الوديعة اي انه لا يجوز للمرتهن ان يستعمل الشيء المرهون او يتصرف فيه باي
طريقة لمصلحة نفسه, الا ادا اجاز له الراهن ذألك صراحة.
وفي كل حال لا يجوز للمرتهن ان
يتجاوز في انتفاعه من المرهون الحدود المألوفة ويسيء استعماله او يهمله او يعرضه
للخطر والا في حق الراهن ما ورد عليه النص في الفصل1208 من قانون الالتزامات والعقود الخيار بين:
-ان يطلب وضع المرهون
في يد امين مع حفض حقه في الرجوع على الدائن بالتعويض
-او ان يجبر الدائن
على اعادة المرهون الى الحالة التي كان عليها عند انشاء الرهن.
-او ان يسترد
المرهون, مع قيامه بأداء الدين ولو قبل حلول اجله.
v ارجاع المرهون في حالة استفاء الدين:
بمرد ان يؤدي الراهن
الدين المضمون بتمامه اصلا وفائدة ودفع ما يمكن ان يترتب في دمته من نفقات كنفقات
الصيانة, وجب على المرتهن اعادة الشيء المرهون اضافة الى دالك بان يقدم له حسابا
عما قبضه من ثماره.
ü اثار عقد الرهن الحيازي بالنسبة للغير
ادا كان عقد الرهن
الحيازي نافدا في حق الغير ترتب للمرتهن في مواجهة الغير الحقوق التي تكفل له
استفاء حقه, وتتمثل هده الحقوق في ما يلي:
-
حق الحبس:
للمرتهن ان يتمسك بحق الحبس في مواجهة الراهن, سواء كان هو المدين او غيره,
وفي مواجهة المالك
الحقيقي ادا كان الراهن غيره وكان الرهن ساريا في مواجهته بمقتضى قاعدة الحيازة في
المنقول سند الملكية. وله ان يحبسه في مواجهة الغير كالمشتري الدي اشترى
المرهون في تاريخ لاحق للرهن,
كالدائنين المرتهنين المتأخرين
عنه في المرتبة والدائنين العاديين.
-حق التقدم:
الرهن الحيازي هو
حبس مال في يد الدائن او يد المرتهن ضمانا لحق يمكن منه بالتقدم على سائر
الدائنين, ومنه فان الحقوق التي يشملها التقدم هي اصل الدين والنفقات الضرورية
التي يؤدها المرتهن للراهن ومصروفات عقد الرهن, اما ادا كان المرهون عقارا فان
التقدم يشمل بالإضافة الى اصل الدين ما يؤديه المرتهن من نفقات لازمة لا صلاح
المرهون وصيانته وما يستحق عليه من ضرائب وتكاليف.
الفقرة الثانية: انقضاء الرهن
الحيازي:
بانتهاء الرهن ينفد التزام الدائن للمرتهن يرد
المال المرهون الى راهنه, لان التزامه بالرد معلق على شرط هذا الانتهاء وعليه نرى
من الضروري ان نبين انتهاء الرهن الحيازي بصفة تبعية (اولا) ثم بصفة اصلية (ثانيا).
اولا: انقضاء عقد الرهن
الحيازي بصفة تبعية:
تنص المادة 616 من مدونة الحقوق العينية "على ان يعتبر الرهن تابعا للدين المضمون ويدور معه وجودا وعدما".
ينقضي الرهن الحيازي بانقضاء الدين المضمون به
بتمامه."
يستفاد من المادة اعلاه ان الرهن حق تابع لالتزام
اصلي, فان زال الاصل زال التابع. والمشرع في الفقرة الاخيرة من الفصل1233 من قانون الالتزامات والعقود
احال على الفصل 377 من نفس القانون الدي ينص على ان "لا محل للتقادم ادا كان الالتزام مضمونا برهن حيازي على المنقول او برهن
رسمي."
ومنه فتقادم الرهن الحيازي في التشريع المغربي لا
ينقضي به الالتزام الاصلي المضمون بالرهن لا يتقادم, وما تجدر الاشارة اليه في لفصل1239 من نفس القانون الدي نص على انه "يعود الرهن مع الدين في جميع الحالات التي يتقرر فيها بطلان الوفاء الحاصل
للدائن مع عدم الاخلال بالحقوق المكتسبة, على وجه قانوني صحيح
للغير حسن النية في الفترة الواقعة ما بين حصول الوفاء وبطلانه[4]"
ثانيا: انقضاء عقد الرهن
الحيازي بصفة اصلية
ينقضي الرهن الحيازي بصفة اصلية بكل سبب يمسه في
داته ويترتب عليه زواله دون ان ينقضي الدين المضمون فيزول الرهن, ولكن يبقى للدائن حقه الشخصي كأي دائن عادي, ويحصل دالك في الحالات التالية:
ü
بتنازل المرتهن عن
الرهن:
فلما كان الرهن
ضمانا عينا للالتزام الاصلي لحفض حقوق الدائن فان لهدا الاخير الاستغناء عن حيازة
الشيء المرهون ادا وثق في المدين, وتنازل الدائن عن الرهن لا يعني تنازله عن دينه
فقد يكفي للدائن اثبات دينه باستمارة الدين المحررة, ولا يتعلق تنازل الدائن بصحة
عقد الرهن الا ادا وقع تسليم المرهون من المدين الى الدائن.
ü
بهلاك الشيء المرهون
هلاكا كليا:
ينقضي الرهن الحيازي
بصورة انفرادية مع بقاء الالتزام الاصلي قائما بهلاك الشيء المرهون هلاكا كليا,
وادا سكت المشرع عن هدا المقتضى فالمعتبر في الهلاك هو دالك الدي يقع بقوة قاهرة
ودون اي فعل او خطا من الدائن, اما ادا كان العكس فان الدائن هو المسؤول ومن تم
وجب تعويض المدين وفقا للقواعد العامة. اما ادا كان الهلاك جزئيا, ففي هده الحالة
يبقى الجزء السالم من الهلاك مرهونا, اما الجزء الدي هلك فوجب التمييز إدا نجم
الهلاك عن فعل الغير او بسببه بالتالي لزمه تعويض دالك, وادا كان بسبب قوة قاهرة
او حادث فجائي يستحق التعويض, وتمثل حالة هلاك الشيء حالة فقدانه وهدا ما نص عليه
المشرع في الفصل 1236
ق.ل.ع. "ينقضي الرهن يفقد
الشيء او هلاكه, مع حفض حقوق الدائن على ما يتبقى من الشيء المرهون او من توابعه, وعلى
التعويضات الدي قد يستحق على الغير بسبب هدا الفقد او الهلاك."
ü
اتحاد الذمة:
وهو سبب المطالبة بتنفيذ
الدين, ويتم اتحاد الذمة عن طريق اجتماع صفتي الدائن والمدين في نفس الشخص حيت يتعذر
في هده الحالة مطالبة الشخص لنفسه بالدين او ليوفيه بنفسه, واغلب حالات اتحاد
الذمة هي في الميراث كان يوفي الدائن ويرثه مدينه, حيت يغدو هدا الاخيرمالكا لتركة
الموروث دائنه, وبالتالي صاحب الحق الدي كان في ذمته لهدا الموروث.
ü
يفسخ حق الطرف الدي
انشا الرهن:
ينص الفصل1238 من ق.ل.ع. "الرهن المعقود ممن
لا يملك على الشيء المرهون الا حقا قابلا للفسخ ينقضي بفسخ حق الراهن."
غير ان تخلي الراهن باختياره اما عن الحق او عن
الشيء الدي كان له عليه حق قابل للفسخ لا يضر بالمرتهنين حيازيا."
مفاد النص ان تحقق الشرط الفاسخ ينقضي به الرهن
الحيازي لكن يبقى الالتزام الاصلي.
ü
بانقضاء الاجل الدي
عقد الرهن الى نهايته, او بتحقق الشرط الفاسخ الدي علق الرهن عليه: ينقضي الرهن بانقضاء بالأجل
الدي عقد له الى نهايته والمراد هنا انتهاء مدة الدين المضمون بالرهن هو ادا تساوت
مدتي الرهن والالتزام المضمون.
وينقضي الرهن بتحقق
الشرط الفاسخ الدي علق عليه الرهن, لكن يبقى الالتزام الاصلي بدون ضمان.
ü
في حالة حوالة الدين
بدون اشتراط الرهن:
ينقضي كدلك الرهن الحيازي بجوالة الدين, فلو احال الدين دينه المضمون بالرهن الى شخص اخر ولم يتضمن عقد الحوالة
الرهن, ففي هده الحالة لابد من اشتراط انتقال الرهن
الحيازي في صك الانفاق,
ولا يعتد عن سكوت العقد
بالشرط الضمني للقول بانتقال الرهن,
وقد جاء في الفصل 200 من
قانون الالتزامات والعقود:
"حوالة الحق تشمل توابعه
المتمة له, كالامتيازات مع استثناء ما كان منها متعلقا بشخص
المحيل. وهي لا تشمل الرهون الحيازية على المنقولات
والرهون الرسمية والكفالات,
الا بشرط صريح..."
ü
يبيع المرهون بيعا
صحيحا بناء على طلب دائن سابق في التاريخ:
ينقضي الرهن بيع
المرهون بيعا صحيحا بناء على طلب دائن سابق في التاريخ فلو تعدد الدائنون وكان
الشيء المرهون ضمانا لدينهم جميعا, وان فرض ان الشيء بيع للدائن الاسبق تاريخيا
بيعا قضائيا صحيحا فان هدا البيع ينقضي به الرهن مع حصول الدائنين الاخرين على
حقوقهم مما يفضل من ثمن البيع بعد استفاء الدائن الاسبق تاريخا لحقه, اضافة الى
دالك يمكن ان ينقضي الرهن الحيازي بالبيع, غير ان هدا الاخير يكون بيعا اجباريا
بالمزاد العلني بشرط ان يتم وفق ما تم تقريره في النصوص المضمنة لمثل هدا النوع من
التصرفات.
المطلب الثالث: المقارنة بين
التشريع المغربي وباقي التشريعات في اطار الرهن الحيازي العقاري:
سنتطرق في هدا
المطلب الى فقرتين المقارنة بين التشريع المغربي والتشريع الفرنسي (الفقرة الاولى), تم المقارنة بين التشريع
المغربي والتشريع الجزائري (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى :المقارنة بين التشريع المغربي والتشريع الفرنسي:
اورد المشرع الفرنسي
ثلاث مواد خاصة بالرهن العقاري[5],
وهي:
-
المادة 1114 من القانون المدني الفرنسي خاصة بنفاد الرهن
العقاري في حق الغير.
[1] اطروحة الزيتوني حنان طالبة في كلية العلوم
القانونية والاقتصادية والاجتماعية حول الرهن الحيازي في التشريع المغربي.
[2] الراهن هو الدي يهدف من ابرام الراهن الحصول على
التمان له او لشخص اخر عن طريق تقرير حق الرهن للدائن على مال مملوك له ضمانا
للوفاء بالدين الدي عليه او على غيره.
[3] المرتهن هو صاحب الحق الشخص الدي يهدف من تحقيق
حق الرهن اكتساب حق عيني تبع على مال مملوك للراهن ويعطيه الحق في حيازته وحبسه
لحين الوفاء بما له من حق على المدين.
[4] اطروحة الزيتوني حنان