الإكراهات و الصعوبات التي تواجه الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة
لقد سجل المجلس الأعلى للحسابات بطء وتيرة اتخاذ التدابير الرامية لانسجام وملاءمة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والاستراتيجيات القطاعية مع أهداف التنمية المستدامة. إضافة إلى كون هذه الاستراتيجية الوطنية تسجل نقائص متعلقة بضعف تبنيها من طرف بعض المتدخلين، وبتواجد تباين بين الأطراف المعنية حول الإطار الملائم لتحديد المشاريع والأولويات بغرض مقاربة الاستراتيجية الوطنية مع أهداف التنمية المستدامة.[1]
و
هكذا كشفت التحريات التي أجراها المجلس المذكور لدى مجموعة من الفاعلين عن العديد
من أوجه القصور المتعلقة بعملية اعتماد الاستراتيجية، مما أدى إلى بطء عملية
تكييفها وتقاربها لأجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما لاحظ المجلس تأخر في
المصادقة على الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة إذ أن الميثاق الوطني
للتنمية المستدامة ألزم الحكومة بإعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في
غضون عام واحد من تاريخ دخول القانون الإطار سالف الذكر حيز التنفيذ. علما أن هذا
القانون نشربالجريدة الرسمية بتاريخ 20مارس .2014غير أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة لم تتم المصادقة عليها
إلا في حدود شهر يونيو 2017وهو ما أدى إلى تأخير لأكثر من سنتين بالمقارنة مع
الأجل القانوني المحدد، كما أن العديد
من الأهداف التي حددتها النسخة المعتمدة من الاستراتيجية الوطنية للتنمية
المستدامة قد تم تجاوزها أو تغييرها من قبل الوزارات المعنية. وفي هذا الصدد، أكد
مسؤولون من وزارات الصحة والتعليم والمندوبية السامية للتخطيط أن إداراتهم لم تأخذ
في الاعتبار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة عند وضع استراتيجياتهم
القطاعية
كما أرجع المجلس ضعف نسبة انخراط القطاعات الوزارية في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة الى أن إعداد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تم تحت إشراف وتنسيق كتابة الدولة المكلفة بالبيئة حيث أدى هذا الأمر إلى أن الوزارات الأخرى اعتبرت بأن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تعكس الاهتمامات البيئية دون مراعاة العناصر الأخرى للتنمية المستدامة ولا سيما الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ، وهذا في نظرنا يضرب مبدأ الانسجام الحكومي تحث قيادة رئيس الحكومة.
كما أوضح أن إجراءات التنسيق التي باشرتها كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة لم تمكن من تجاوز المقاربة القطاعية وضمان المشاركة الكافية للأطراف المعنية وبالتالي الانخراط في مخرجات الاستراتيجية. كما أن المشاورات التي أجريت خلال إعداد الاستراتيجية لم تشمل بما فيه الكفاية القطاعات الوزارية. وقد نتج عن هذا الوضع أن الالتزامات التي تم التعهد بها على مستوى إعداد الاستراتيجية لم تؤخذ بعين الاعتبار أثناء إعداد الاستراتيجيات القطاعية لمختلف الوزارات. وفضلا عن ذلك، فإن مستوى الالتزام الحالي للوزارات بالاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تكشف عن وجود بعض الخلافات بخصوص الوفاء بالالتزامات، ولا سيما تلك المتعلقة بالجوانب المالية وبدرجة الانخراط في الإستراتيجية حيث طالبت كل من وزارتي الصحة و التربية الوطنية بمراجعة أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بغية تكييفها مع الرؤية الاستراتيجية للقطاعات المعنية، إن هذا الأمر يتناقض مع تبني المقاربة التشاركية في اعتماد هذه الاستراتيجية التي تهدف الى انخراط الجميع في كل مراحل هذه الاستراتيجية مما يضمن التقائية الاستراتيجيات و يجسد الحكامة المطلوبة و يحقق الفعالية.
و لاحظ المجلس أيضا عدم أخذ أهداف التنمية المستدامة بعين الاعتبار في إطار الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة بالرغم من اعتمادها بعد خطة 2030 حيث أنه بالرغم من اعتماد الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة في يونيو 2017أي بعد مرور حوالي سنتين من اعتماد خطة 2030من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر ،2015لم يتم اتخاذ أي إجراءات لتكييف محتوى الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع البرنامج المذكور. علاوة على ذلك، يتعارض هذا الوضع مع المبدأ الأول الذي اعتمدته الاستراتيجية الوطنية والمتعلق باحترام القانون الدولي وعلى وجه الخصوص الاتفاقيات التي وقعتها المملكة وصادقت عليها في مجال حماية البيئة والتنمية المستدامة
وقد إطلاق دراسة لأجل ملاءمة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة مع برنامج 2030 و ذلك منذ 3 أكتوبر 2017 لا أن مجموعة من الخلافات لاتزال قائمة حول الوزارة أو القطاع الذي يتعين أن يتولى مسؤولية المراقبة والتنسيق والإشراف على هذا الورش كما لاحظ المجلس غياب مشاركة فعالة لمختلف المتدخلين في هذه الدراسة التي تعتبر كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة أن نتائجها لن يتم تنزيلها إلا ابتداء من سنة 2021أي بعد تنفيذ وتقييم المرحلة الأولى من الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة والمتعلقة بالانتقال إلى اقتصاد أخضر ومندمج.[2]
كما لاحظ المجلس الأعلى للحسابات عدم تقدير كلفة تمويل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة لم تقدم الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة أية تقديرات رسمية لكلفة تنفيذها على أرض الواقع. وقدرت كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة بأن 95في المائة من التدابير لا تتطلب ميزانية إضافية وأن التدابير الموصى بها سيتم تنفيذها في إطار المشاريع المبرمجة أو الجاري تنفيذها. بالإضافة إلى ذلك، فإن بعض التدابير المعتمدة لها طبيعة مؤسساتية أو قانونية
علاوة
على ذلك، فإنه من حيث تمويل الاستراتيجيات والبرامج القطاعية لم يتم بذل أي مجهود
لتجميع المعطيات العامة حول
الاعتمادات المخصصة وطرق استغلالها حسب طبيعة كل هدف أو غاية بعينها. ومن جانب
آخر، فإن عملية تجميع المعطيات تبقى صعبة في ظل غياب تحديد أوجه تقاطع
الاستراتيجيات القطاعية وأهداف التنمية المستدامة وبالنظر لما تتطلبه العملية من
إشراك لجميع القطاعات الوزارية المعنية لا سيما تلك المكلفة بالمالية.
و إذ أن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة تضم 342 مؤشر يغطي 7 رهانات تم نصنيفها و تحديدها الى 31 محورا استراتيجيا و 132 هدفا فإن المجلس الأعلى للحسابات اكد أنه لم يتم إجراء أي تشخيص لتأكيد توفر البيانات وقدرة النظام الإحصائي الوطني على توفيرها. كما أنه لم يتم أي تقييم لمدى التقائية المؤشرات المحددة في الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وتلك المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة
[1] تقرير موضوعاتي للمجلس الأعلى للحسابات حول مدى جاهزية المغرب لتنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2015-2030 منشور بموقع المجلس www.coursdescomptes.ma تاريخ الزيارة يوم 2 يوليوز 2020 على الساعة العاشرة صباحا